تاریخ انتشارشنبه ۲۴ مرداد ۱۳۹۴ ساعت ۰۸:۵۸
کد مطلب : ۱۲۱۸
۰
plusresetminus
الاستراتجيات الفنونية للتمهيد للظهور البهي
للإمام صاحب الأمر(عج)
محسن وهيب عبد
مقدمة
انطلاقا من إيماننا كمسلمين بحقيقة كمال العقيدة المنزلة على رسولنا الكريم المصطفى محمد(ص)، المفترض أن يعتقده كل مسلم، ولعدم وجود مسوغ شرعي بأي حال من الأحوال ولأي كان أن يدعي انه يستطيع أن يأتي من عنده بما يكمل به العقيدة بأي مجال وعلى أي صعيد، بما في ذلك مناهج واستراتجيات التمهيد لظهور الإمام المهدي(ع) إلا من خلال العقيدة ذاتها وبما توجه وتنهج وتحدد وتقرر.
تشريعات مطلق التمهيد وشرعياته
فان كانت هناك نية لوضع إستراتجية للتمهيد للظهور البهي لإمام الزمان عجل الله فرجه الشريف في أي مجال وعلى أي صعيد فلابد ان تكون مستنبطة من الشريعة الإسلامية ذاتها وفق المصدرين الموصى بهما من قبل باني الشريعة(ص) ؛ وهما الكتاب والعترة وطبقا للأصول الشرعية والمناهج المنطقية والمرتكزات العقلية.
ولذا فان أي إستراتجية غير مستوفية لهذه الشروط تعتبر بدعة نحذر المسلمين منها أيا كانت الغاية منها، لان أي عمل يصدر عن الإنسان إنما لابد له على دربي الحسن والسوء حيز مسئول عنه يوم القيامة إلا أن يكون مستوفيا لاجتهاد في موضعه وعلى منهجه ومعياره، أو لتقليد على أصوله العقلية المثبتة والمقررة.
1- استباق التربية الفنية والسياسية خطوة قبل الإستراتجية في التمهيد الفنوني للظهور البهي للإمام المهدي(ع)
التربية السياسية؛ هي إعداد الفرد المسلم ليكون مواطناً صالحاً في المجتمع المسلم، يعرف واجباته فيؤديها من تلقاء نفسه، طمعاً في ثواب الله عز وجل، قبل المطالبة بحقوقه، كما يعرف حقوقه فيسعى إلى اكتسابها بالطرق المشروعة، وخير منهاج لتربية المسلم على معرفة الحقوق والواجبات نجده في نظام الملة المتجسد بنظام ولاية الفقيه أو نظام التقليد والاجتهاد في مدرسة أهل البيت(علیهم السلام).
فالإسلام عقيدة كاملة، لان فيها استجابة لكل حاجات الإنسان فردا ومجتمعا، وفيه إجابة على كل تساؤلات الإنسان، عن وجوده وكونه ومآله ومستقبل وجوده.
وفي رسالة الحقوق للإمام علي بن الحسين(ع)؛ منهج تربوي سياسي شامل، لا ادري لماذا يهمله المربون؟ خصوصا الذي يتمتعون بحرية فكرية ويحترمون عقولهم، فضلا عن كونهم يعتقدون بصدق وعلمية نظام الملة وبعد أن رفع الله تعالى عنا الحيف فلا عذر! كما في إيران والعراق؟
اما التربية الفنية؛ فهي إعداد الفرد المسلم ليكون مبدعا في التعبير عن عقيدته بغير اللغة من وسائل التعبير الشائعة في الفنون او التي يبتدعها لتصل بكلمته وجهاده إلى كل المجتمع الإنساني مهما تكن لغاتهم.
أن التربية الفنية والسياسية، ركن أساس من أركان التربية الإسلامية، لأن التربية الإسلامية تشمل الإعداد الروحي للفرد للنهوض برسالته وبناء مجتمع متكامل في السعي لمواجهة الحياة والفوز برضا الله تعالى، والذي هو حتما صلاح النفوس وجمالها، فالإسلام دين للفرد وللمجتمع.
فالتربية الفنية والسياسية؛ تعد المواطنين لممارسة الشئون العامة في ميدان الحياة، عن طريق الوعي والمشاركة، وعن طريق إعدادهم لتحمل المسؤولية بذوق عال، وتمكينهم من القيام بواجباتهم بذوق عال أيضا، والتمسك بحقوقهم، وتبدأ التربية السياسـية والفنية في مرحلة مبكرة من العمر، وتستمر خلال سـنوات العمر كله.
ولا بد أن تنهل جميع المؤسسات التربوية في المجتمع من تلك الرسالة المقدسة، لأنها تستقريء تماما حقوق كل الفئات، والحق بالنسبة لك لابد ان يكون واجبا لآخر، وبهذا تنهض تربية اجتماعية فنية وسياسية في مجاميع الإفراد، كي يقوم المجتمع المسلم وينهض محصننا.
فمما ابتلي به المسلمون خوفهم من السياسة، واحتقارهم للفن، وابتعاد علماء المسلمين عنهما، بعد أن شـوّه (مكيافيللي) مفهوم السياسة بكل أساليب الخبث والخداع والمكر، واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، وشوه الفن بتدنيسه بكل أساليب الرخص والسقوط، ولابتذال والإباحية لأنه في الغالب يحكي الحقيقة الغالبة لحياة الغرب الماجنة.
وبعد أن سبقت إلى السياسة الأحزاب التي تسمي نفسها إسلامية، بقراءة خاطئة للدين لأنها جانبت نظام الملة في طاعة الثقلين العاصمين، ولذا فهي في واقعها أحزاب مدعية للدين ولكنها ترقيع للعلمنة ليقبلها الناس. , وهو ما نراه جليا اليوم في الأحزاب والتنظيمات التي تدعي الإسلام مع الادعاء لتبعيتها لأهل بيت النبوة(علیهم السلام).
فالسياسة كعلم وكحرفة؛ مع الأسف سبق للتنظير اليها ولاحترفها العلمانيون والملحدون وأعداء المسلمين، وكانت لهم ميزة شرفتهم ورفعتهم للتحكّم ولحيازة المال والسلطان والجاه، فقد وضعوا قواعدها وأصول لعبتها وصاروا هم المحكمين فيها ..وعليه فكل من يدخل حلبتها لابد ان يخضع لهم شاء أم أبى، وهذا مما يأنف منه المسلم الذي يرى في كل ما يصدر عنه يجب ان يكون بقصد القربى الى الله تعالى.
وهكذا الفن؛ مع الأسف أول من احترفه الراقصات والراقصون والرخيصات والرخيصون في الغالب من فروعه، وصار عمل كل من ناهض الآداب والأعراف الإسلامية بل هو مروق على الأخلاق العامة والذوق.
ولهذا السبب صار اعتبار السياسة؛ نوع من العهر يأنف كل ذي لب من الاقتراب منها، لان كل من يشتغل بها لابد ان يخضع لقواعد لعبتها التي يحكمها الغربيون، وصار أصحاب الخلق الرفيع ينظرون إلى السياسة على أنها لعبة مكيافيللي، لعبة المكر والمخادعة، وقد مقتها الناس وصاروا ينظرون إلى البلدان التي خربتها الصراعات السياسية، على أنها تبوء بلعنة إباحة الأحزاب السياسية فيها، وصاروا يظنون أن كل بلد سوف يشجع العمل السياسي سوف يحصل لـه ما حصل لتلك البلدان التي خربها السياسيون.
وكذلك صار الناس ينظرون للفنون على أنها مهنة غير شريفة، نعم لأنها قرينة للفظةـ(Artist) كما يعلمها الغالب منا، أو أنها مهنة الإساءة إلى الدين لأنها فعلا في غالبها موجهة لإفساد الذوق العام.
وهذا مجانب للصواب، لأنه:
أولا. لقد حصل في تلك البلدان ما حصل؛ لأن المجتمع يجهل السياسة الإسلامية أولا، ويحتقر الفن لأنه ليس بمعناه الأصيل.
وثانيا. لم يرب َ مجتمعنا الإسلامي تربية فنية عقائدية، ولا تربية سياسية تنهل من كمال العقيدة الإسلامية، وما يتطلبه نظام الملة من طاعة المعصومين فيما يوصون، وفيما يعلمون، كما في رسائل الإمام علي(ع) إلى عماله وولاته، خصوصا تلك التي أرسلها الى حضرة القائد مالك الاشتر رضوان الله عليه، او على رسالة الحقوق للإمام زين العابدين علي السلام، ولا غيرها من مناهج التربية السياسية التي تعد المواطن المسلم كي يقدم واجباته نحو المجتمع بقصد طاعة لله عز وجل وطمعاً في ثوابه، كما انه يعرف حقوقه وحقوق غيره من خلال دراسته لتلك الحقوق من منبعها الشرعي، وانه يؤمن بأنه مطالب أمام الله تعالى، وأمام الآخرين بها ان ادعى الإسلام، او اتخذه ذريعة للحكم.
فالعمل السياسي في الإسلام ليس مغالبة، وليس فوزا بالمناصب ولا تشريفا لمن يفوز، بل هو تكليف شرعي يبوء به المكلف بمسؤولياته أمام الله تعالى الذي لا يغفل عن الظالمين ويضاعف بالإحسان اجر المحسنين أولا، وهو أيضا مسئول أمام الشعب ومراقبة قيادته ثانيا، ثم ان المؤمن يعتبر الوطن رمز إيمانه، وهو في ذلك إنما يعتبر بالتاريخ من خلال آيات يراها وأخرى يتلوها آناء الليل وإطراف النهار.
ولذا فنحن بحاجة ماسة ان نستوعب تربية أئمتنا السياسية والفنية كما وكيفا، لأنها تعضد الفن بمعناه الأصيل وتوجهه لإسنادها.
الفن والفنون في آليات التمهيد
ان أفضل وسيلة لنشر ثقافة التمهيد هو الفنون بكل إشكالها لان:
1. لان الفن وسيلة محببة إلى النفوس لأنها وسيلة تعبير عالمية تعبر الأفاق والقارات بسهولة خصوصا بعد هذا التطور الهائل في وسائل الاتصال.
نعم تتواصل الأمم التفاهم باللغات لكن التواصل باللغة يبقى محدود جدا بالنسبة للفنون والأسباب واضحة ومعروفة أهمها تعدد اللغات بما لا يحصى، وضعفها عن الأداء في التعبير إلا عند الخاصة من أبناء اللغة ذاتها، ومنها ضياع المعاني في الألفاظ.
2. ان الخطاب اللغوي يخص الخاصة جدا ولا يتعدى كما يتعدى العمل الفنوني خصوصا الدرامي الى كل شعوب الارض او كما تتعدى تعبيرات اللوحة التشكيلية الى العالم كله... الخ.
ولذا لابد من وجود مؤسسات ثقافية وفنية متخصصة باستراتجيات واليات الفنون من اجل التمهيد وفق ما تراه الشريعة.
ويجب ان لا يطلب من تلك المؤسسة ان تكون الوحيدة بمهام التمهيد بل يجب ان تأخذ دور القائد فيه لتوجه جميع المؤسسات الفنونية باتجاه التمهيد وسنوضح في مباني البحث التالية؛ الكيف والكم لتلك القيادة، لان التمهيد من صميم مهامنا العبادية في الحياة الدنيا.. ومن اجل ذلك لابد لنا من معرفة ما يلي:
2. انتروبولوجيا العقائد السماوية في خدمة التمهيد الفنوني للظهور البهي للإمام المهدي(عج)
تستخدم مؤسسات الانتروبولوجيا الثقافية اليوم على نطاق واسع في خدمة أهداف الظالمين، لأنهم يلتقطون ظواهر شاذة لتوجيهها لصالح ايديولجياتهم السياسية؛ كما تنشط في ذلك اليوم التوجهات الغربية من خلال ما يكتبه فرانسيس فوكوياما في نهاية التاريخ وما يطرحه صموئيل هنتغتون في صدام الحضارات وما يتبعهم فيه الأذناب من مدعي الثقافة الإسلامية الليبرالية.
ان الدراسات الانتروبولوجية يجب ان تتوجه الى الظواهر الإنسانية الكبرى هي السبيل او المرآة التي يتوحد فيها العقل البشري ويبرز منها وبها المعيار التصحيحي المفقود حيث تنعكس عنها مميزات النفس الإنسانية بكل صورها.
ولكن ما هي تلك الظواهر؟ و لماذا يتوحد عليها العقل البشري وكيف؟
ان من ابرز تلك الظواهر الكبرى في تاريخ الإنسانية هي ظاهرة إرسال الرسل وإنزال الكتب وقيام المعجزات على أيدي الأنبياء ولأنها تتميز بما يلي:
1. لأن تلك الظواهر ثابتة وإنها مشتركة بين كل الناس على سطح هذا الكوكب في المشارق و المغارب.
2. ولكونها ظواهر موحدة في ماهية ووجهة الصراع التي تحدثه بين الناس.
3. ولكونها محددة الأهداف الإنسانية متجسدة؛ في:
أ.بغض الظلم وعداوة الظالمين؛ فبغض الظلم مهما كان مصدره، جوهر الدعوة لتوحيد الله، وعداوة الظالمين شعار المجاهدين في سبيل نشر دين الله تعالى.
ب. في إبراز الفضائل والقيم عن طريق بيان سجايا المتصارعين؛ في هذه الظاهرة التي تحكيها قصص المتصارعين حيث منتهى النبل والسخاء والكرم وكمال الفضائل كلها من جانب المعصوم، يقابلها منتهى اللؤم مع بقية كامل الرذائل من جانب المستكبرين الظالمين.
ملكنا فكان العدل منا سجية
فلما حكمتم سال بالدم ابطح

وحسبنا هذا التفاوت بيننا
وكل إناء بالذي فيه ينضح

وهذا ما يجب ان يلتقطه الفنان من سير المعصومين في فنونه لان فيه تمهيد للإجهاز على الظلم والظالمين في نفس الوقت تمهيد لنشر الفضائل والقيم.
ولأن كل النفوس الإنسانية السوية تسعى لغايات سامية موحدة تتمثل في طلب العدل والحق وفي الحرية والسيادة والرحمة والعلم الجمال المضموني في الفضائل والسعي للكمال فيها والغايات السامية الأخرى لوجود الإنسان.
4. ولأنها تتوحد في معاني رسالة مجسدة في مصاديق قيادية تاريخية معروفة من كل الشعوب على سطع الكوكب يمجدها الناس في كل مكان وزمان، امتازت في رفض الظلم وعداوة الظالمين وبسط العدل وعدم استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.
5. ولا أحد ينكر أن كل ما عند الإنسانية من قيم فاضلة هي بتأثير تلك الظواهر الرسالية الكونية .
عليه وبإزاء هذه الحقائق؛ يكون على الإنسانية المعذبة ان تتوحد على شعار عداوة الظلم ومحاربة الظالمين، وإبراز صراع السجايا ويكون للفن والفنون جزء من مهمة تحقيق هذا الشعار والتعبير عنه.
والظاهرة الكونية الوحيدة الكبرى في تاريخ البشر هي ظاهر إرسال الرسل والأنبياء تترا إلى الناس منذ عرفوا الوجود على سطح الأرض، فلم يخلو منهم زمان ولا مكان.. وبما لا يسع منكر أن ينكر تلك الظاهرة حتى الملحد..لذا فان توجه الفنون لمهام عداوة الظلم ومحاربة الظالمين سيكون جوهر مهام التمهيد بل من أهم العبادات المقربة لله في كل أصقاع الارض.
ولكي يصح العمل في هذه الإستراتجية هذه؛ نحتاج لدراسة هذه الظاهرة دراسة كونية انتروبولوجية مجردة لمعرفة الحقائق الإنسانية المهمة والعامية من اجل تحقيق وإبراز بما يرى في ان العقيدة هي علم:
علم يجد الإنسان فيه إجابة على تساؤلاته الكونية وفيه الاستجابة إلى حاجاته الوجودية، فتنعقد عليه نفسه دون العلوم ليصير ضابطا في اختيار أفعاله وما يصدر عنه. ولان ما يصدر عن الإنسان يصير بالتالي عنوانا لعقيدته.
ذلك لان الميزة الخاصة في الإنسان هي قدرته على خيار فعله في حين ان المخلوقات الأخرى إنما تتحرك بالغريزة او الناموس.
والأنبياء والرسل يتميزون على الناس بقدرتهم على خيار الفعل الحسن وعدم إتيان الظلم فهم عليهم السلام و في كل الأديان معروفون بالفضيلة، ويدعون الناس الى التوحيد بمعناه الكوني، ويزرعون القيم الخلقية حيث ما حلوا ويحذرون الناس من الظلم ويتخذون بغض الظلم وعداوة الظالمين وإبراز السجايا الحسنة؛ عنوانا لدعوتهم إلى دين الله، ويتخذون من الفقراء تلاميذ أخلة فيصنعون منهم قادة ودعاة لدين الله.
تلك الحقائق التاريخية الانتروبولوجية عن ظاهرة الأنبياء والرسل الذين يتوحدون على عدم إتيانهم للظلم؛ ويتميزون بالسجايا الحسنة مما يعني تمتعهم بالعصمة جميعا مما يدعونا لان نرى فيهم(علیهم السلام) نمطا أرقى للخلق عموما وللإنسان خصوصا.
وعليه فان طرح الموضوع هنا ـ موضوع المهدي الإنسان المعصوم ـ سيكون معنى لامتداد ظاهرة إرسال الرسل وبنفس الشعار: عداوة الظلم ومحاربة الظالمين وإبراز الفضائل ونشر القيم، سيكون من قبلنا يأتي كأطروحة كونية، باعتبار العصمة ظاهرة كونية من اكبر الظواهر التي عاشها الناس في تاريخ وجودهم على الأرض من خلال رسل الله إليهم تترا، وسنركز بالفنون والفن على كون الإمام المهدي(ع) مع المسيح وموسى والأنبياء معيارا ضابطا في صحة اعتقادات البشر ودونها ليس إلا الخطل والخواء والتيه والضلال وهو جوهر التمهيد.
فليست العصمة مسلّمة شيعية طائفية تخصهم وحدهم، بل هي حقيقة انتروبولوجية يجب أن يعلمها الجميع، والفن أفضل لغة للتعبير عنها عالميا لأنها تعبر الحدود بدون عقبات.
وهذه من أهم مهام التمهيد وسيكون للفنون الباع الأطول في هذا الانجاز إن تم.. وله اليد الطولى في هذا الأداء إن قام عاجلا او آجلا.
فالمهدي(ع) بامتداد الرسل عليهم السلام مثلهم؛ يمتلك ملكة مفعّلة لسلامة الفطرة الإنسانية والاتساق مع النسق الكوني في خيار الأفعال، وعدم الانحراف عنه، فتجتمع بها عنده كل السجايا الإنسانية الحسنة والفضائل دون تكلف، فيأنف بها ومعها عن كل ظلم وقبح، وهو ما يتطابق مع التزامه خيارات الله تعالى في مشيئته، لحفظ وجوده وحياته و عقله، وبذلك يتحقق له معاني الولاية التكوينية (إني جاعل في الأرض خليفة) لماذا؟
لان الولاية التكوينية؛ هي حتمية جعل الله تعالى الخلافة للإنسان على الأرض، فإذا تحققت العصمة بمعناها انف الذكر، تحققت الخلافة، بما في معنى الخلافة من الصلاحيات التي تُمنح للخليفة، والمعاني الأخرى لخيار الله الأفضل لخلق الناس، وان حصل الانحراف عن حتم الجعل لم يُعرف طعم الولاية وجمالها وجاذبيتها، وقد يتنكر لها آخرون، وهي لا تكون إلا مهمة الفن.
هذا كلام لابد ان يجسد فنيا من خلال قصص المعصومين عليهم السلام التي يجب أن تتحول إلى سيناريوهات ثم إلى دراما..او إلى صور ذهنية ثم إلى لوحات تعبر القارات.
بمعنى أن العصمة في المعصوم هي لطف الله و خياره للإنسان أصاب الفطرة السليمة منهم، فتجوهر وانتشر إلى ما حوله، فصار قادرا ومؤهلا لمحاربة الظالمين دون غيره، فنحلة محاربة الظالمين ليس مهمة كل مدعي كما يجب ان يبينه الفن، وتظهره الفنون.
فالعصمة ليست جلبابا يلبسه الآدمي ليكون معصوماً، ولتكون له به صلاحيات المعصوم ومهامه على الأرض، أو هي كما عند الملوك؛ تاجاً يصنعه أحد ليلبسه غيره لتكون له مهام وصلاحيات الملك.. او كما يدعيه المستكبرين والمستعمرين عن حقوق الإنسان.
و لأن مهمة المهدي(ع) في حرب الظالمين وعداوة الظلم؛ وإبراز الفضائل، هي لطف الله تعالى بالعباد، فهي دأب المتصدي في التمسك بحبل الله المتين وصراطه المستقيم، ولذا فهي دائمة باقية مستمرة، فلطف الله فيض لا ينقطع حيث يكون منهجه.
وهذا ما يتجلى في قوله تعالى (لا ينال عهدي الظالمين) جوابا لإبراهيم(ع) في سؤاله عمن يعقبه في مهام الإمامة من ذريته.
وهذا تحكيه قصص سير المعصومين، أنبياء ورسلاً وأئمةً، التي يجب ان تجسده الفنون في أعمال درامية، او أي شكل من إشكال الفن الأخرى.. وكما تجسدت في قصة مقتل الحسين(ع) حيث يقول يوم كربلاء:
تركت الخلق طرا في هواك
وايتمت العيــال لكي أراك

فان قطعتني في الحب أربا
لما مال الفؤاد إلى سواك

فالمهدي(عج) مضمون حسن رباني ساع، فهو أسوة حسنة، لذا فواجب الفن إبراز جوانب الجمال والكمال والحسن الساعي في شخص الإمام(عج) ومضامين رسالته.
وعلينا بهذا ان نطرح المهدي(ع) من خلال الفنون في الجوانب التالية:
1. كأمل منشود لكل المستضعفين والمظلومين والمحرومين المنتظرين.
2. ومنقذ موجود لإنقاذ القيم ونشر الفضائل التي تحتضر في عالم يسيطر عليه السباع المتوحشين في صورة بشر.
3. ووعد موعود من قبل الله تعالى ووعد الله تعالى لا يخلف، فهو حتم لازم للإنسانية المعذبة تحت شعار الأنبياء وهو: بغض الظلم ومحاربة الظالمين ايا كانوا بما فيهم النفس، وسعي دائم لإبراز الفضائل والسجايا الإنسانية الحسنة.
3. مجلس الفنون الأعلى للتمهيد الفنوني للظهور البهي للإمام المهدي(عج)
يؤسس مجلس أعلى للفنون الممهدة؛ على أساس من الإستراتجية الشرعية التي تجسد شعار؛ بغض الظلم ايا كان مصدره مع عداوة الظالمين؛ تناط بالمجلس وطبقا لتعريفه الأعمال الآتية:
أ. إعداد وتنفيذ برنامج انتروبولوجي جاد يستند إلى ظاهرة إرسال رسل الله تعالى تترا والمهدي(ع) غايتهم، وكلهم يجسدون شعار عداوة الظلم وبغض الظالمين ومجابهة الشرك باعتباره ظلم عظيم.. فـ(إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ).
ب. إعداد وتنفيذ برامج الخصوصية الثقافية لدعوة الرسل عليهم السلام في وجوه الفنون المختلفة. بالتعريف بسيرهم من خلال الفنون المختلفة خصوصا الدراما.
ت. إعداد برنامج لتحصين الأمة ثقافيا من الاستلاب الثقافي والغزو المعادي للهوية الإسلامية؛ بالتعريف بسير أعداء الأنبياء والأئمة وأتباعهم من خلال الفنون المختلفة خصوصا الدراما.
ث. إعداد وتنفيذ آلية للتوثيق الثقافي بمواده المختلفة تحضيرا لإنشاء جهاز إعلامي ثقافي بما فيه فضائية التمهيد المتميزة الخاصة لعرض انجازات المجلس للبشرية جمعاء.
ج. إعداد وتنفيذ برنامج ومناهج آلية وفنية للقيام بدورات لأعداد وتدريب فنيين وفنانين وإعلاميين ثقافيين تناط بهم مهام حمل رسالة التمهيد بالفن.
ح. إعداد وتنفيذ برنامج للتعاون مع كل الهيئات والمنظمات ذات الطابع الفنوني داخل وخارج إيران لتحقيق أهداف المجلس.
خ. إعداد وتنفيذ برامج لكل النشاطات الفنونية الممكنة التي يقرها المجلس نفسه او التي تطلب منه ضمن إمكانياته واختصاصه وفي حدود التخصيص المالي والسقف الزمكاني.
د. تتم كل نشاطات المجلس عبر الاكتتاب لتخفيف التكاليف المالية وللسيطرة على كل الساحة الثقافية سيطرة موجهة وشرعية.
- شعار المجلس:
لا يتحقق التمهيد في الأمة، إلا من خلال بغض الظلم أي كان مصدره ومحاربة الظالمين.
فلابد من التعريف بالظلم والظالمين العالمين.
4. من هم الظالمون وذوو السجايا السيئة في التاريخ؟
(التعريف بالظالمين؛ لرصدهم ومتابعة خططهم ورسم الاستراتجيات الفنونية للمواجهة)
الظالمون على سطح الارض وعبر التاريخ هم صنف واحد، ومن كل أصناف البشر؛ يرفعون شعارا واحدا هو شعار إبليس نفسه: (انا خير منه) وهذا ما يجب ان يجسده الفنانون الممهدون في كل أعمالهم.
فلابد من بيان كيف ان المترفين والمستكبرين وأعداء النبيين والمرسلين وأعوان الشياطين يرفعون هذا الشعار؟
ذلك ما نجيب عليه الان وعلى الفنانين ان يسجلوه معيارا ضابطا في صحة عملهم التمهيدي:
الظلم: كل فعل شاذ عن خيارات النسق الكوني الفطري والبديهي، فهو ظاهر قوة قاسية غاشمة تتجسد من خلال فعل الإنسان فقط ـ دون بقية المخلوقات ـ فترعب وتخوف وتروع الآمنين في أفراده ومجتمعاته، ولذا فان الظلم يمارس من قبل كل نفر غلظ طبعه وقسيّ قلبه، وكلما كان الطبع أقسى كان الظلم أقوى وتأثيره في الرعب والتخويف اكبر.
وكأن الظالمين كلهم قد اتفقوا في الشرق والغرب على تجسيد شعار إبليس في عداوته للإنسان: (أنا خير منه).. فلا يأتي الظلم الذي يعم، إلا ممن يرفعون هذا الشعار.
5. معايير الظلمة وسوء سجاياهم في العالم التي يجب على الفن إبرازها
للفنان المسلم أيضا أن يتوجه لمعاني الظلم الفاضح التي يجدها العالم في المعايير المزدوجة على كل صعيد يدعي الغربيون أنهم بلغوا فيه إنسانيتهم: ولنأخذ على سبيل الحصر أمثلة على ذلك:
أولاً. الحرية الشخصية
وهو ما يتشدق به الغربيون، ويعتبرونها عنوان حضارتهم، يجد المسلم أو المسلمة خصوصا أنها محض هراء، فالمسلمة لاحق لها إن ترتدي لباس اقره دينها لها، وإنها إن لبست ما يناسب عقيدتها تعاقب بالطرد من الوظيفة أو الجامعة أو من المدرسة، وعلى المنصف إن يرى مقدار ما تنطوي عليه نفس المسلمة المتعففة أو أبوها أو زوجها أو أخوها أو المسلم المراقب: من اضطهاد وهم يرون إن الحرية مباحة للأخريات بالتهتك أو وهن يمارسن الرذيلة علنا في الحدائق العامة الغربية.
إن الحرية الشخصية في الغرب لها اتجاه واحد فقط، هو الذي يتوافق مع المركزية الغربية ولا يتعارض مع التوجهات الصهيونية: وهو بهذا يخدم طرفاً آخر في أيدلوجية الإرهاب، وهو ما يستفيد منه المجرمون في غسل العقول البسيطة وتوجيهها إلى الاستشهاد لرفع الاضطهاد عن المسلمين، والانتقام من واضعي المعايير المزدوجة لؤلئك الأشرار - كما يظن - والذي يستفيد منه الحاقدون في الطعن بالدين واعتباره ممارسة إرهابية يدعو لها الدين الإسلامي.
ثانياً. الحرية الفكرية
وهي من عناوين حضارة الغرب: هي كذلك يجدها المسلم محض هراء، وهو يرى إن الأوربي الأصيل (روجيه غارودي) يقدم للمحاكمة ويهان، لأنه آلف كتابا عن الأساطير الصهيونية، بل إن الناشر للكتاب يغرم ويصادر الكتاب من الأسواق..في حين إن الذي يشتم نبي المسلمين في كتابه (آيات شيطانية): الهندي سليمان رشدي: تصرف الملايين على حمايته في أوربا ويطبع كتابه بكل لغات العالم.
وهذا مما يترك أثرا بالغا جدا في لب كل مسلم لأنه إجراء لا يشك في عدوانيته وخبثه، إلا من لا لب له ولا ضمير، حتى وان لم يكن مسلما، فكيف سيكون من يريد إن يوظف كل شيء لمآربه.
ثالثا. الديموقراطية
فازت بالانتخابات التركية الديمقراطية النائبة (مروة قاوقجي) التركية في البرلمان التركي، إلا أنها كانت محتشمة اللباس و تضع قطعة قماش فوق رأسها لتغطية شعرها، كما تعتقد بالإسلام.. والآن فإنكم جميعا تعلمون مصيرها!! فقد أوصلتها الديمقراطية الغربية إلى الطرد من البلاد، وإسقاط الجنسية التركية عنها، عام 1999م، بعد فوزها عن حزب الفضيلة بحجة أنها محجبة! ، إنها منتهى القسوة التي لا نجد مثيلها إلا عند التكفيريين.
من هذا المثال أرجو إن يلتفت المنصف إلى مقدار الاضطهاد الذي تنطوي عليه نفوس المسلمين الذين يعلمون أو ربما أعلمهم آخرون: إن النساء في اسطنبول يعرضن عاريات من خلف الزجاج في (الفترينات): من اجل الرذيلة، وعليهن أرقام يستدل بها الزبائن، ربما في هذا عار يجعل التكفيريين يفخرون بقتل الأطفال في العراق، والجزائر… دون التعرض لهذه الأسواق!!
رابعا. القرارات الدولية
عشرات القرارات التي صدرت من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن لا ينفذ منها إلا ما صدر ضد دول بذاتها، بينما ما يصدر ضد إسرائيل فانه يبقى حبرا على ورق ولا يجرؤ أحد إن يقول لماذا؟
ثم كل ما تقوم به إسرائيل من ذبح للفلسطينيين وتدمير وتشريد وهدم بيوت ومزارع وردم الآبار: مباح إلا إن يقوم فلسطيني بما يدل على انه معارضة على ذلك الفعل فانه إرهاب.
إن أي منصف يرى في ذلك اضطهاداً أيما اضطهاد: فهناك شعب يشرد بالكامل، ودولة تخرج على كل القوانين الدولية تحت رعاية غربية كاملة وعمياء..انه عار يكلل الحضارة الغربية ومسوغ لعدم استقرار العالم القائم على الظلم.
لكن الغريب إن هذا الظلم والذي يقع على الفلسطينيين مما لا يشغل اهتمام تنظيم التكفيريين، ولا تستغله في تجنيد الانتحاريين ضد إسرائيل!!
6. نماذج الظلم التي يجب أن يحاربها الفن من اجل التمهيد الفنوني للظهور البهي للإمام المهدي(عج)
(ما يجب على الفنانين الممهدين بيانه)
اولا. ظلم البيض وسوء سجاياهم الإنسانية:
لقد سعت المركزية الغربية الظالمة، إلى محاولة تصدير نموذجها الحضاري الظالم والذي يشهد الآن فضيحة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، تمثل في نهضة الفقراء الذي ابتدأ في فرنسا، وأمريكا من الأعراق المهاجرة وفي ما يسمى بالربيع العربي حيث سياسة النبذ والإقصاء والإهمال، فكيف يمكن لها أن تصدره بعد اليوم إلي مختلف بقاع العالم؟! خصوصا وان هناك ممهدون سينهضون بمهام كشف الظلم ومحاربته.
وقد تجسد أسلوب التصدير المقيت هذا تاريخيا، بإشكال واضحة لا لبس فيها، منها:
1. فيما عرف بغزو أمريكا، عندما أسس المهاجرون الهاربون من نير الكنيسة البروتستانتية مدينتهم الفاضلة على جثث الهنود الحمر والازاتيك، وبسواعد الأفارقة السود.. هذا مايجب على الفنانون الممهدون بيانه.
إن ممارسات السيد الأبيض في الإبادة الجماعية للهنود الحمر والازاتيك، وسوء سجاياه الإنسانية معهم والاستغلال البشع للأفارقة السود في مناجم الفحم والذهب، والنظر إلى الإسلام كعقيدة دموية وللمسلمين كبدو متوحشين … والمعاملة المباشرة التي تجسد تلك النظرة: ولد حقدا دفينا تغلغل في نفوس هذه الشعوب.
وبهذا الصدد يقول الغذامي في كتابه: (رحلة إلى جمهورية النظرية: مقاربات لقراءة وجه أمريكا) عن حال السيد الأبيض مع الأرقاء السود هناك:
(إن كل مواطن حرٌّ كان يستمتع بعمل أربعة أرقاء في المتوسط، ولم يكن هؤلاء الأرقاء يستخدمون في الخدمة المنزلية وحدها، بل كان منهم الزراع والرعاة، ولكن استخدامهم الأكثر شيوعا، كان في مجال الحرف والصناعات اليدوية واستخراج المعادن).
أما (فرنسيس فوكويام) ـ الأمريكي من أصل ياباني لذي ينظّر ويمهد لسيادة الرجل الأبيض ـ فقد جعل من إبادة الهنود الحمر والازاتيك الجماعية واستغلالهم، هدية كبرى قدمها السيد الأبيض لهم، فنراه يقول:
(إن أمريكا هي آخر بلد يمكن إن يكون فيه للاعتبارات العائلية والعرفية أية أهمية، وهي لم تقم ـ كما يدعي البعض ـ على أشلاء أهلها الأصليين من الهنود الحمر والازاتيك الذين كانوا يذبحون أطفالهم قرابين للآلهة).
(الإنسان الأبيض الذي فضلته الطبيعة واختارته ليكون حامل مشعل الحضارة والتقدم: هو المنطق الذي يبرئ الغربيين والمستغلين الاستعماريين من تهمة الإرهاب ولو أبادوا البشرية كلها).
ويقول المستشرق (كارا دو فو) ـ الذي يبرر للفرنسيين قتل الجزائريين أبان الثورة الجزائرية:
(إن البدوي في أفريقيا هو الهندي الأحمر، و يجب تهيئة المصير نفسه الذي آل إليه الهندي الأحمر على أيد الرواد البيض لأمريكا، ويجب إن يختفي البدوي من على وجه الأرض)
وعن (برنا رد لويس)، (ودانيال بايبس)، ينقل، حسن الأمراني أيضا قولهم:
(إن الشعب العربي لا يبدو إن يكون إذن كالهنود الحمر، وان حضارة الغرب وحدها جديرة بان تسود).
هذه النصوص تؤكد ما ذهبنا إليه من إن هناك تيارا قويا في السياسات الغربية، هو الأصل الباطن لما نرى من معايير مزدوجة وسلوك عدواني من قبل الرجل الأبيض، هو الذي أسهم إن لم يكن هو الذي هيأ الأرضية لردود الفعل القوية الانفعالية التي يشهدها العالم اليوم، والذي يميزها إرهاب دموي فظيع.
ان على الممهدين بالفن يصنعوا إعمالا فنية وان ينبهوا العالم من خلالها الى الظلم الأمريكي الفاحش، فمنذ مائتي سنة تقريبا والأمريكان يبيدون الشعوب الأصلية (حوالي الملايين من الأشخاص)، ويحتلون نصف المكسيك ـ منطقة جزر الكاريبي ومنطقة أمريكا الوسطى ـ ويحتلون هاييتي والفلبين مسببين مقتل مائة آلف فلبيني!
وهي اليوم وامس تحاول أن تهيمن على العلاقات الدولية من خلال التهويل بوجود عدو شرير يهدد الأمن ولاستقرار الدولي.
فتلوح على الرأي العام العالمي بشبح الإرهاب لتنفيذ مخططاتها. علما إنها تدعم علنا دول دكتاتورية أو حتى أنظمة إرهابية فتقدم لها الأسلحة لقمع شعوبهم.
وعندما أعلنت الأوساط الغربية الحكومية المستكبرة عن حربها ضد الإرهاب! على أساس انه غدة سرطانية يجب استئصالها من جذورها، كانت الحكومة الأمريكية بإدارة الرئيس الأمريكي آنذاك ومستشاره (الاكسندر هيغ): قد أنشأت منذ عشرين سنة شبكة إرهابية دولية ذات نطاق واسع، لا مثيل له يهدف لمحاربة أعداء الولايات المتحدة المتخلفين حضاريا!
وقد نفذت هذه الشبكة عددا لا يحصى من الجرائم في مختلف أنحاء العالم منها ما جرى في أمريكا الوسطى وبالخصوص ما جرى في نيكاراغوا.
فقضية نيكاراغوا قضية خاصة يجب على الفانين ان يظهروها على الحقيقة الظالمة التي جرت فيها؛ قضية نيكاراغوا سابقة دولية في إرهاب الدولة لا جدال فيها حتى في قانونهم الذي وضعوه في القانون الدولي: لأنه لأول مرة يصدر عن المحكمة الدولية حكما لا رجوع عنه تدان فيه دولة بعملية إرهابية والقضية أفضع بكثير من اعتداءات 11 أيلول: ذلك إن الحرب التي خاضها الرئيس (رونالد ريغان) ضد نيكاراغوا أسفرت عن وقوع عما يقل عن (57000) ضحية منهم (21000) قتيلا وسببت دمارا وخرابا يعادل قنبلة هيروشيما.
فالأوربيون: أعطوا لأنفسهم ظلما حق التحكم في البشرية؛ لأنهم بيض البشرة، أو لأنهم ولدوا في أوربا! .. وهذا الخط ـ خصوصا ـ له أصوله الأيدلوجية الضاربة في التاريخ ، ابتدأ من (ابيقور) مرورا بـ (نيتشة) والى (هيجل) الذي ادعى إن صيرورة الفلسفة: غربية، هو ذاته غايتها، وصيرورة الدين في المسيحية، حيث الأوربيين يمثلوه.
وصار لهذا الخط اليوم مدرسة، وقادة، وثقافة انتروبولوجية، تكتسح العالم بما أوتيت من إمكانيات إعلامية هائلة.
ثانيا. ظلم الصهاينة وسوء أخلاقهم (شعب الله المختار!!!)
ومثل ما نرى من ظلم السيد الأبيض، فان هناك من هو أعتى منه إرهابا، يدلس عليه السادة البيض أمعاناً في احتقار الإنسان لأخيه الإنسان، لمصالح غير مشروعة مشتركة بين سادة البياض وسادة الاختيار وتحت نفس الشعار الظالم وسوء الخلق؛ (انا خير منه)!!!
فالصهاينة ادعوا الأفضلية على البشر، بما لا أحد يستطيع إن ينازعهم إياها..لأنها منحت لهم بتفويض الهي كما تصفهم الكتب المنزلة من الله ـ كما يدعون ـ فهم شعب الله المختار!!!.وهم الصهاينة.
ولذلك فهم يتكبرون ويستعلون على الاغيار والاغيار:هي المقابل العربي للفظ العبري (جوييم): وهي تشير إلى الأمم غير اليهودية، وقد تحول هذا الاستعلاء والتكبر إلى عدوانية واضحة في التلمود: الذي يدعو دعوة صريحة إلى قتل الغريب حتى ولو كان من أحسن الناس خلقا.
والغريب: الذي ليس له تفسير واضح: هو أن في سيادة الصهاينة امتياز في احتقار الأوربيين على مسمع ومرأى، بل وحماية من الأوربيين أنفسهم!!
ففي 1907م انشأ اليهود في فلسطين أول قوة إرهابية، باسم منظمة الحرس اليهودي ـ هاشومير ـ، وقد اشرف عليها حزب بوعالي صهيون.
وكان شعار المنظمة: (سقط يهودا بالدم والنار، وسيبعث بالدم والنار)، وقد أنشأها الإرهابي الكبير (دافيد بن غوريون).
وفي عام 1919م انقلبت (الهاشومير) إلى منظمة (ألها غانا): التي ارتكبت مجزرة دير ياسين الرهيبة والمشهورة بالتعاون مع منظمة (الارغون) في التاسع من نيسان عام 1948م.
ولقد وصف أحد قادة الارغون هذه المذبحة بقوله: (لقد قمنا بعملية تنظيف)
آما الوصف الدقيق للمذبحة فقد جاء على يد رئيس بعثة الصليب الأحمر الدولي آنذاك (جاك دي رينييه) ، حيث قال:
(بعض مقاتلي الارغون قطعوا أوصال ضحاياهم بالخناجر قبل إن يقتلوهم).
كما إن سلطات السيد الأبيض البريطاني سجلت بدورها تفاصيل الإرهاب الصهيوني بدقة متناهية, على يد مفتش الشرطة العام، (ريتشارد كالتنغ) الذي قام بالتحقيق بالحادث فقال:
(نزعت أساور وحلقات النساء، من أذرعهن وأصابعهن بوحشية متناهية وقطعت، أجزاء من آذانهن لانتزاع الأقراط منها).
ثم يتباهى الإرهابي (مناحيم بيغن) بإرهابه فيقول عن دير ياسين المذبحة الكبرى في التاريخ:
(تملّك العرب هلع لا حدود له، بعد سماعهم القصص عن مذبحة الارغون، وبدءوا بالهروب للنجاة بأنفسهم، وسرعان ما تطور هذا الهروب إلى فرار جماعي جامح لا يمكن السيطرة عليه)
وهكذا كانت مذابح (كفر قاسم، وكفر برعم) نسخا طبق الأصل لمذبحة لدير ياسين، وكأن عيني السيد الأبيض في غشاوة من هذا الإرهاب، بل الذي حصل انه قدم للإرهابيين اليهود وساما: بان واسى اليهود بمذابح هتلر ومحرقته، وصارت في بلاد الغرب معادة السامية التي تعني معاداة إسرائيل جريمة يعاقب عليها القانون وذلك تغطية لإرهاب اليهود.
أليس ذلك هو الظلم الذي حاربه الأنبياء عليهم السلام والذي سيحاربه المهدي(ع) في وجود الناس عموما وفي المسلمين خصوصا؟!
والصهاينة امعانا منهم في الظلم؛ هم أول من ادخل أسلوب الرسائل والطرود الملغومة، وأسلوب التخريب الاقتصادي في العمل الإرهابي: منها تلك الرسائل التي بعثوا بها إلى بعض المسئولين البريطانيين في الثلاثينات من القرن الماضي، واغتيالهم مسئولين بريطانيين آخرين خارج فلسطين، بسبب موقفهم المعارض للحركة الصهيونية، وكذلك نسف خط أنابيب النفط قرب حيفا في صيف 1929م.
وقد بلغ الأمر بالصهاينة إلى أن يستخدموا الإرهاب حتى ضد اليهود الذين لا يؤمنون بها، إذا ما كان ذلك يساعد على تحقيق أهدافها في إجبارهم على الهجرة إلى فلسطين.. فقد نسف الصهاينة السفينتين باتريا في العام 1940م.. والباخرة ستروما عام 1942م، واغراقهما بمن عليهما من ركاب يهود..وتعاون الصهاينة مع النازية في مذابح اليهود في أوربا إبان الحرب العالمية الثانية لإجبارهم على الهجرة إلى فلسطين.
وفي عام 1946م قامت منظمة إرهابية صهيونية بتفجير فندق الملك داود في القدس، حيث كان مركز سلطات الانتداب البريطاني، وكان المبرر لهذه العملية وما شابهها من عمليات مرعبة قامت بها المنظمة الصهيونية الإرهابية المعروفة (ارغون)، هو رفع الروح المعنوية الصدامية لدى اليهود، كما قال مناحيم بيغن زعيم المنظمة.
وفي عام 1948 اغتال الصهاينة مبعوث الأمم المتحدة إلى فلسطين الكونت السويدي (برنادوت)، لأنهم خافوا من نتائج منتظرة لمهمته في المشكلة الفلسطينية.
إن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم (2279) لسنة (1975)، باعتبار الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، يعتبر فلتة قدرية تدل على ارتباط الإرهاب بانحراف الفطرة واحتكار السيادة الذي أذهل النخبة المتنفذة في العالم، فعملوا ليل نهار حتى استطاعوا جعل الأمم المتحدة تتراجع عن هذا القرار لاحقا.
ولقد أصدر ثلاثة من عناصر الموساد السابقين كتابا عام 1978 يقولون فيه:
(إن الإرهاب يشكل مركز الصدارة في أعمال وكالة المخابرات الإسرائيلية ـ الموساد).
ولم يقتصر الصهاينة ـ قبل وبعد تأسيس كيانهم الغاصب ـ على أسلوب نسف المنازل وإلقاء المتفجرات على الأسواق وقتل الأطفال والنساء..وهم الذين ابتكروا المذابح الجماعية كما في حدث ذلك في دير ياسين في فلسطين، ومذبحة صبرا وشاتيلا في جنوب لبنان، إلى مذبحة قانا في 18نيسان 1996م.
يستطيع الفنانون الممهدون ان يجدوا في كتاب المنتقمون للكاتب الإسرائيلي (بار زوهار): تفاصيل للأساليب الإرهابية الصهيونية التي قامت بها عصاباتها في ألمانية الغربية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية: كتسميم المياه والخبز، واصطياد العلماء الألمان وملاحقتهم وقتل الكثير منهم.
إن مثل هذا الظلم الذي الذي جرى ويجرى على الإنسانية: كان بمثابة البذور التي زرعها السادة البيض، والسادة المختارون من قبل الرب! ليعم الظلم الارض.
وفي غياب العلم بالثقافة المهدوية وبالمهدي المدخر لإزالة الظلم والظالمين بين غالبية بني البشر؛ صار حديث السيد الأبيض الآن عن الإرهاب، وبغضه للأساليب الآخرين، سببا كبيرا، لنهوض الآخر كسيد في الجانب الآخر: لأنه جعل السيادة قرينة الإرهاب عمليا: فلماذا لا يكون الآخرون أسيادا بنفس القرينة؟؟.
وكما أن السيد الأبيض، والسيد المختار!: سوغ لأتباعه القسوة والظلم وحماهم، فما المانع من أن يسلك الآخرون المغصوب حقهم، والذين هم ضحيا الإرهاب الذي لم يبقي لهم من الدنيا ما يتقّوم معه العيش: أن ينتحروا، ويزلزلوا الأرض تحت أقدام المترفين؟
إن على العالم أن يصدق مثلا: إن الفلسطينيين: جاءوا من كوكب آخر، واحتلوا فلسطين: ولذا فان قلتهم وتشريدهم ومصادرة كل حقوقهم، ضرورة لأمن أهل الأرض الأصليين الذين هم اليهود! وعلى كل من لا يصدق هذا الكلام، وزر الإرهاب ووزر ممارسة الإرهاب.
إن هكذا عدالة تستبيح ـ فعلا ـ السلام على الأرض.
وان هكذا منطق يعاكس حتميات الطبيعة.. ويفترض أن لا يكون: أن لكل فعل رد فعل. وان هكذا عالم يضيع فيه الأنصاف بعيد عن معاني العقيدة المهدوية، علينا ان لا نستغرب أن يكون بيئة خصبة للظلم والظالمين.
وان رئيس السادة البيض: وبكل صفاقة يسعى إلى إرغام المسلمين على الخلاعة والسفاح المحرم.. وغيرها من معاني الحرية عندهم: وعليهم ان ان يؤمنوا ان هذا فاتحة خير للقضاء على الإرهاب. فلو تمعن أحد المسلمين في أقوال جورج بوش مثلا: لشعر بخيبة أمل كبيرة، من عالم يقوده مثل هؤلاء الظلمة الفاسقون والذين يحتكرون السيادة باعتبارهم خير من البشر، كسيدهم ابليس.
إليك نص واحد مما يقوله زعيم المتحضرين البيض (جورج بوش):
قال جورج بوش في خطاب له أمام الكونغرس الأمريكي في يوم 29 كانون الثاني 2002م، ما نصه:
(لن نتوقف حتى يصبح كل عربي ومسلم مجرد من السلاح … ونعتبر جميع المنظمات الدولية التي تعترض كل هدف يتعلق بالمصلحة الأمريكية الإسرائيلية يجب حلها فورا..سنقوم نحن شعوب العالم من الجنس الأبيض المتحضر، بفرض معتقداتنا على عالم جائع لأموالنا ورسالتنا، ولن يخضع الرجال بعد الآن لشرط إطلاق اللحى، ولن تخضع النساء لشرط تغطية وجوههن وأجسادهن، ومن الآن فصاعدا يحق للعالم تناول الخمر والتدخين، وممارسة الجنس السوي والشذوذ الجنسي، بما في ذلك سفاح القربى، واللواط والخيانة الزوجية، والسلب والقتل، وقيادة السيارات بسرعة جنونية، ومشاهدة الأفلام والأشرطة الخلاعية، داخل فنادقهم، أو غرف نومهم، وبالنسبة لشركاتنا التي تنتج مثل هذه المنتجات، فيحق لها الوصول بدون عقبات للدول المتخلفة، التي منعت تلك الحريات عن شعوبها).
ثالثا. ظلم أمراء المؤمنين النواصب
إن الزرع السيئ الذي رأينا نماذج له في السادة البيض، وفي أبناء الشعب المختار من قبل الرب! انبت شجر سيئ، أثمر في منطقتنا الإسلامية والعربية: أدعياء للسلف (الصالح)! وإنهم هم أسياد العالم ـ بنفس أيدلوجية الإرهاب ـ فأميرهم هو أمير المؤمنين، وكل ما دونهم كفار حتى وان شهدوا الشهادتين وصلوا وصاموا وحجوا وزكوا!!
إن ما يحصل اليوم من توجهات مدروسة لجعل الإرهاب تهمة يلصقها الغرب بالإسلام- دين السلام- يتم تمريرها من خلال عملاء مجندين له (علموا ذلك أو لم يعلموا)، وان كان البعض: لا يشك بان الكبار في تنظيمات المتشددين التكفيريين مثلا عملاء مأجورون، وان الصغار جهلة مغرر بهم: غسلت عقولهم.. كيف؟ ولماذا؟
أن امتياز السيادة هذا، الذي تدعيه ثلة من البيض وأبناء الرب، الآخرين، ليكون الآخرون من البشر دون تلك الثلة في كل الامتيازات الإنسانية، أو آدني درجة؛ فيه ظلم عظيم و فيه تعسف كبير، حيث افرز معايير كثيرة للحكم في قضايا الأمم، مما أدى إلى عالم مليء بالظلم، فدفع بدوره كثيرين للتمرد على الأدعياء للسيادة على البشر، ولكن مع الأسف، صاروا أدعياء مثلهم.
أدعياء لأنهم سلكوا فعل المنحرفين، حين أرادوا أن يكونوا أيضا أسيادا بنفس الميزة المنحرفة للسيادة السائدة اليوم، فيرهبون أو يرعبون المدعين، و ليشعرونهم بحقيقة حجمهم.
تلك إذن هي المعادلة التي تعيشها البشرية اليوم.
وهكذا فان الجميع على خط واحد من الانحراف: و أن المتمردين ليسوا بأفضل من المدعين. إذ هم بالظلم سواء، أسلوبا وجوهرا.
فالحقيقة هي: إن الإنسان أحب السيادة والحرية وسعى إليها: لسنة تكوينية في نفسه وفطرته التي فطره الله عليها، أو لنقل: أن الله خلقه لها، ولكنها انحرفت بانحراف الفطرة، ليرضى الإنسان بمعاني قشور السيادة: ليكون سيدا بالمعنى المنحرف للسيادة.
ان الانبياء ومن هم على خطهم وحدهم المفوضون بالسيادة ليس بشعار انا خير منه بل بالعصمة التي استشعار العجز عن الكمال الذي لا يمتلكه إلا الرب جل في علاه.
ولأن النزوع إلى السيادة سنة تكوينية في نفس كل إنسان، ذلك إنها جعل الله وأرادته في خلق الإنسان.. فليس السيد: إلا ذاك الذي يملك نفسه، فهو حر مختار لفعله وما يصدر عنه، وطبقا لهذا فكل إنسان له قدر من السيادة بقدر طاعته لهذا الجعل الإلهي.
بدأ الإرهاب منذ أن تفرد البعض بالسيادة، ونزع هذا الحق من الآخرين، وفرض وصايته عليهم، فلا خيار لهم إلا خياراته، ولا امتياز معنوي أو مادي إلا له.
قال الله تعالى يصف هذا الحال منذ الوهلة الأولى:
(وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ).
وهكذا فان التفاضل بين البشر، إذا تم من خلال معيار علمي فان الإنسان يترفع من إن يكون ظالما سفّاحاً قاتلا قاسيا.
وهذا المعيار العلمي للتفاضل بين الناس لا يوفره إلا الإسلام كعقيدة تتمكن من النفوس، وهذا المعيار هو التقوى.
والتقوى تعني التزام الإنسان (الخليفة) الطاعة الصادقة لله المستخلف: وتتجسد في تفضيل الإنسان خيار الله في الفعل على خيار نفسه، مما يمنح الإنسان قدرا من الحرية والسيادة بقدر تقواه، في حين أن مدعي السيادة بغير التقوى: يبقى في دائرة العبودية لنزوة نفسية في خيار فعله القاصر لذاته القاصرة، فلا ينطلق إلى قدرات السيادة الحقيقية التي يحققها مصداق جعل الله للإنسان خليفة في الأرض.. وهو لا يتحقق اليوم الا في المهدي المنتظر(ع)
إن الاعتبار بمعيار غير علمي للتفاضل بين الناس، أوجد بيئات ظلم، خصبة للتناحر والإرهاب والعنف بين بني البشر.
وعلى هذا المقياس: يبدو إن الشرف والقرف اللذان يصادفان الناس اليوم، هما سنة شيطانية، لأن معيار التفاضل بين الناس اليوم: هو معيار إبليس، وليس من التكوين الرحماني في شئ، لأن السيادة تقوم عندهم: إما على المال، أو الجاه، أو القوة القاسية، أو على العرق أو النسب أو الدين أو اللون، وليس على معيار التقوى، و سلامة الفطرة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
قال تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
الناس في عالمنا لا يتعاملون على أساس إن كل الناس لآدم وآدم من تراب.. ولا على أساس إن أكرمهم عند الله اتقاهم.
وإلا لماذا يدعي مثلا: رئيس الولايات المتحدة (جورج بوش): انه هبة الله إلى الأرض لينقذها، وفي الجانب المعاكس وكردة فعل: يدعي آخرون إنهم أسلاف المقدسين، وانه أمير المؤمنين، وان كل ماعداهم كافر، وان الجنة شرعت لمن ينتحر منهم لإحباط مخططات الطرف الآخر!
هكذا توظف هذه الترهات لتصرف عليها المليارات، ويموت بسببها الآلاف تحت اسم حرب الإرهاب والإرهاب المقدس المضاد.
وهذا هو التعسف والظلم الذي تدفع اليوم البشرية كلها ثمنه غاليا، ولا ندري إلى أين يمكن إن يصل بنا الأسياد! من الفريقين.
ولا باس إن يكون السيد: سيدا كما يشاء، ولكن ليكن منصفا: في استعمال ميزان واحد ومعيار واحد في تعامله مع الناس، وذلك لترتفع ذريعة خصمه الذي في الجانب الآخر.
لا باس أن يكون الإنسان سيدا في أي جانب من جوانب الأرض، إذا اخذ بفضائل الأخلاق كسيد محترم ليخلق معادلة إنصاف وليجبر خصمه في الجانب المضاد إن يرتفع إلى مستواه، أو أن يبوء بسخط المجتمع الإنساني.. وهي مهمة الفن.
ولا باس أن يكون الإنسان سيدا كما يشاء، ولكن ليصدق مع الناس، كما هو المفترض بالسادة المحترمين إن يصدقوا.
فلماذا الكيد إذا؟
ولماذا المكر إذا؟
ولماذا هذا العبث بمقدرات الإنسانية؟
والى متى سيستمر ذلك؟
إن هناك مسوغات تصب لصالح الأدعياء التكفيريين، الذين توفرت لهم بيئة صالحة لجمع المال، ولتجنيد البسطاء وتحويلهم إلى انتحاريين، يستفيدون منهم في تنفيذ مخططاتهم الجهنمية المرهبة, من تلك المسوغات ما يقوم به الغربيون من أعمال مشينة اتجاه المسلمين تتمثل بمعايير مزدوجة أولا، وبأعمال شريرة لا مبرر لها ثانيا، بل ومن منعهم من ممارسة واجباتهم الدينية، كما فعلوا في منع الحجاب عن الفتيات المسلمات في المدارس والجامعات والدوائر الحكومية.
https://ayandehroshan.ir/vdcd.f0f2yt0xja26y.html
ارسال نظر
نام شما
آدرس ايميل شما